أداء قطاع الضيافة في سلطنة عُمان في النصف الأول من عام 2025
آليات عمل قطاع الضيافة
يستند نمو قطاع الضيافة في سلطنة عُمان إلى ثلاث ركائز أساسية، أوّلها النمو السكاني الذي ارتفع بنسبة 4.5% في عام 2024، و5% في عام 2023، ويتوقع المحلّلون أن يواصل النمو ارتفاعه بهذا القدر خلال العقد القادم. وتسهم معدلات النمو السكانية وحدها بارتفاع الطلب بوتيرة مستمرة على الغرف الجديدة سنوياً، بصرف النظر عن التغيّرات في أنماط الإنفاق وإيرادات قطاع السياحة. وتتمثل الركيزة الثانية بالتوسّع الاقتصادي وارتفاع معدلات السياحة المحلية، حيث ارتفع إجمالي الرحلات السياحية المحلية بالتوازي مع النمو السكاني، من 12.9 مليون رحلة في عام 2023، إلى 13.6 مليون رحلة في عام 2024، مع اختيار المواطنون العمانيون أساليب مختلفة للسفر. ويؤكّد الارتفاع بنسبة 8% في تقارير أيام الضيافة أنّ رحلاتهم تستغرق وقتاً أطول في المسافة ومدة الزيارة، ما يعزز الطلب ضمن القطاع. أم الركيزة الثالثة فهي السياحة الدولية التي تتأثر بشدّة بسياسة الحكومة والاستثمارات. ويشكّل القادمون من منطقة الخليج أكثر من ربع الزوّار، إلّا أن السلطنة تستقطب بشكلٍ متزايد الزوّار مناطق أبعد، مثل أوروبا والهند والصين.
وبالتالي، من المتوقّع أن تزداد مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بشكلٍ ثابت، لتصل إلى 5% بحلول 2030 و10% بحلول عام 2040. ويُسهم هذا المسار في أن وصول السياحة إلى المركز الثاني بصفتها أحد أهم القطاعات في السلطنة بعد قطاع الصناعات الهيدروكربونية، لتتفوّق بذلك على قطاع النقل والخدمات اللوجستية. كما تشهد معايير الفنادق العالمية تطوّراً سريعاً، ولا سيّما في منطقة الخليج، حيث يسعى السيّاح الأوروبيون والآسيويون بشكلٍ متزايد للحصول على تجارب ترفيهية مميزة إلى جانب خيارات الإقامة عالية الجودة. وتحتاج السلطنة إلى مواكبة النمو المتوقع في أعداد الزوّار، من خلال الجمع بين تطوير قطاع الفنادق وأعمال الإنشاء الجديدة وتنويع خيارات السياحة خارج مسقط. وبحلول عام 2040، ستحتاج السلطنة إلى عددٍ مستدام من الفنادق والمنتجعات الجديدة في جميع مناطقها، إذ يمثّل هذا التوجه فرصة كبيرة للتنمية والإعمار.
يدخل قطاع الضيافة في السلطنة مرحلة جديدة، مدفوعاً بالنمو السكاني وتطوّر أنماط السفر ومشاريع الاستثمار الاستراتيجية للحكومة.
ويُسهم تنويع العروض السياحية وتوسيع البنية التحتية في ترسيخ مكانة السلطنة بصفتها وجهة بارزة تستقطب شريحة واسعة من السياح وتخلق قيمة مستدامة ترتقي بالاقتصاد والمجتمعات المحلية.
خليل الزدجالي
رئيس المجموعة في عُمان
نظرة عامة حول القطاع السياحي وأدائه
التوجهات المتعلقة بحجم حركة المسافرين في المطارات العُمانية
استقبلت المطارات الأربعة في سلطنة عمان أكثر من 6.9 مليون مسافر في النصف الأول من عام 2025، مسجلةً بذلك انخفاض قدره 2.2% بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. ويأتي هذا الانخفاض مدفوعاً بشكلٍ أساسي بانخفاض حركة المسافرين في مطار مسقط الدولي ومطار صحار، حيث قلّ عدد المسافرين نظراً لتراجع العمليات. كما ساهمت أيضاً الاضطرابات المؤقتة في المجال الجوي في مايو ويونيو في هذا الانخفاض. وبالمقابل، سجّل مطار صلالة الدولي زيادةً في أعداد المسافرين خلال الفترة ذاتها، مدعوماً بارتفاع الطلب على السياحة.
حجم حركة المسافرين في مطارات السلطنة (بالملايين)
ويحافظ مطار مسقط الدولي على مكانته بصفته البوابة الرئيسية لعُمان، إذ يستقبل ما يقارب 9 مسافرين من كلّ 10 في السلطنة. ويأتي مطار صلالة الدولي في المركز الثاني من حيث أعداد المسافرين، والذي من المتوقع أن يشهد ارتفاعاً خلال موسم الخريف المقبل.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى وصول العدد الكلي للمسافرين في جميع مطارات السلطنة، إلى 50 مليون مسافر بحلول عام 2040. وتخطط السلطنة لافتتاح مطاراتٍ جديدة بهدف مواكبة النمو في أعداد المسافرين، ما يزيد العدد الكلّي لمطاراتها إلى 13 مطار، ويُسهم في تعزيز الترابط المحلي ونمو قطاع السياحة.
حجم حركة المسافرين في المطارات العُمانية في عام 2025 (%)
عدد النزلاء (الفنادق من 3 إلى 5 نجوم)
تواصل سلطنة عُمان استقطاب شريحة متنوعة من السيّاح في النصف الأول من عام 2025، نتيجةً لعروضها السياحية المتنوعة، ابتداءً من الأنشطة السياحية الفريدة والاجتماعات والحوافز والمؤتمرات والمعارض، ووصولاً إلى تجارب التراث الثقافي الغني. كما تُسهم المبادرات الموجهة من الحكومة في دعم هذه التجارب، بما فيها برامج الأنشطة والفعاليات. وبناءً على ذلك، تستقبل الفنادق من 3 إلى 5 نجوم في السلطنة ما يقارب 1.1 مليون ضيفاً في النصف الأول من عام 2025، وبمعدل زيادة بنسبة 9.2% عن العام السابق وفي الفترة ذاتها، بينما يتراوح عدد الضيوف المتوقع لعام 2025 بين 2.2 و2.3 مليون ضيف.
إجمالي عدد الضيوف في الفنادق من 3 إلى 5 نجوم (بالملايين)
يشكّل مواطنو السلطنة النسبة الأكبر من أعداد النزلاء، ما يجعلهم العامل الأساسي في تعزيز قطاع الضيافة. كما يندرج الأوروبيون والآسيويون ضمن المراكز الثلاثة الأولى من ضيوف الفنادق من 3-5 نجوم، حيث ارتفعت نسبة السيّاح الأوروبيين بنسبة 20.1% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وقد شهدت نسبة السيّاح الأوقيانوسيون معدل النمو الأعلى بين جميع الجنسيات، على الرغم من أنهم يشكّلون النسبة الأقل من السيّاح.
إجﻤﺎلي عدد النزلاء في الفنادق من 3 إلى 5 نجوم (بالملايﻴﻦ)
عوائد الفنادق (الفنادق من 3 إلى 5 نجوم)
بلغت عوائد الفنادق من 3 إلى 5 نجوم في سلطنة عُمان 141.2 مليون ريال عُماني في النصف الأول من عام 2025، بزيادة قدرها 18.2% على أساس سنوي. وارتفعت عوائد الغرف الفندقية بنسبة 21.7% إلى 83.7 مليون ريال عُماني، في حين ساهمت الإيرادات الأخرى بمبلغ 57.5 مليون ريال عُماني، بزيادة قدرها 13.3%. ويعكس النمو القوي في عوائد الغرف الفندقية الإقبال الواسع في قطاع الفنادق، مدفوعاً بارتفاع معدلات الإشغال. وساهم هذا الأداء الإيجابي في دعم فرص العمل، إذ ارتفعت نسبة التوظيف في الفنادق من 3 إلى 5 نجوم بنسبة 4.8% لتصل إلى نحو 10,800 موظف.
إجﻤﺎلي عدد النزلاء في الفنادق من 3 إلى 5 نجوم (بالملايﻴﻦ)
العدد الحالي والمستقبلي للغرف الفندقية
As of H1’2025, Oman’s hotel room supply stood at roughly 36,000 keys, with an additional 2,600 rooms scheduled for completion by year-end, although some are expected to spill over into 2026. Looking further ahead, around 7,000 rooms are in the pipeline between 2026 and 2030. While delivery timelines may shift, the eventual addition of this capacity could temporarily weigh on occupancy levels, particularly in segments with concentrated supply.
بلغ عدد الغرف الفندقية 36 ألف غرفة في النصف الأول من عام 2025، بالإضافة إلى 2,600 غرفة من المقرر اكتمال تشغيلها بحلول نهاية العام الحالي، وقد تمتد فترة اكتمال بعضها إلى عام 2026. ومن المقرر أن تدخل حوالي 7,000 غرفة إلى خط العمل بين عاميّ 2026 و2030. وقد يؤثر العدد النهائي المُضاف على معدلات الإشغال مؤقتاً، خاصةً في القطاعات ذات العدد المركز، ولا سيّما مع اختلاف مواعيد اكتمال الغرف.
عدد الغرف الفندقية في سلطنة عُمان – عدد الغرف (بالآلاف)

*يشمل العدد الإجمالي للغرف الفندقية الفنادق من 1 إلى 5 نجوم، والفنادق غير المصنفة والشقق الفندقية ومنازل الضيافة.
معدلات الإشغال (الفنادق من 3 إلى 5 نجوم)
سجّلت معدلات الإشغال الفندقي في سلطنة عُمان خلال النصف الأول من عام 2025 نسبة 54.7%، بارتفاع ملحوظ قدره 14.4% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وجاء هذا النمو مدفوعاً بزيادة أعداد النزلاء من الأسواق المحلية والدولية على حدٍ سواء، مدعوماً بالجهود الحكومية المستمرة لترسيخ مكانة عُمان كوجهة سياحية مميزة على مدار العام. ويؤكد هذا المنحنى الإيجابي جاذبية القطاع المتنامية مدعومة بتزايد أساسيات الطلب.
معدلات الإشغال الشهرية (الفنادق 3–5 نجوم) – (النسبة المئوية %)
متوسط أسعار الغرف الفندقية مقدرة بالريال العُماني (الفنادق من 3 إلى 5 نجوم)
بلغ متوسط سعر الغرفة الفندقية في النصف الأول من 2025 نحو 47.7 ريال عُماني، مسجلاً ارتفاعاً طفيفاً مقارنة بالنصف الأول من 2024. ورغم الزيادة في معدلات الإشغال وأعداد النزلاء، فإن نمو أسعار الغرف ظل محدوداً، ما يشير إلى استقرار القوة التسعيرية، واستفادة الفنادق بصورة أكبر من حجم الإشغال المرتفع بدلاً من الزيادات الكبيرة في الأسعار.
5 نجوم) – (النسبة المئوية %) – معدلات الإشغال الشهرية (الفنادق 3
تطوير السياحة: المبادرات الحكومية والمشاريع الجديدة
المبادرات الحكومية الاستراتيجية
In 2025, the Ministry of Heritage and Tourism launched its External Promotional Campaigns Programme to position Oman as a leading global tourism destination through targeted initiatives in key international markets. As part of this effort, Oman plans to open new tourism representative offices in strategic source markets, including China, Russia, Spain, Latin America, and several other Asian countries. The ministry also aims to collaborate with 80 international tourism companies to run joint promotional campaigns, raising awareness of Oman’s diverse tourism offerings.
أطلقت وزارة التراث والسياحة عام 2025 برنامج حملاتها الترويجية الخارجية، الهادف إلى تعزيز مكانة عُمان كوجهة سياحية عالمية رائدة، من خلال مبادرات موجهة إلى مجموعة من الأسواق الدولية الرئيسية. وتشمل خطة هذا البرنامج افتتاح مكاتب تمثيل سياحي جديدة في أسواق استراتيجية مثل الصين وروسيا وإسبانيا وأمريكا اللاتينية وعدد من الدول الآسيوية، بالإضافة إلى التعاون مع 80 شركة سياحة عالمية لتنفيذ حملات مشتركة بهدف الترويج لما تقدمه عُمان من تجارب سياحية متنوعة.
المشاريع الرئيسية في قطاع السياحة
تستعد كلٌ من مسقط وصلالة والجبل الأخضر لاحتضان مجموعة من المشاريع السياحية المهمة، والتي من شأنها تعزيز جاذبية سلطنة عُمان أمام المسافرين المحليين والدوليين.
على صعيد مسقط، يبرز مشروع التلفريك في مطرح كأحد أبرز المعالم الجديدة في هذه الوجهة التاريخية، حيث يُتوقع إنجازه في مطلع 2026. وسيربط المشروع ميناء مطرح بالقمة الجبلية عبر مسار يمتد بين 3 إلى 5 كيلومترات، مانحاً الزوار إطلالات بانورامية على المدينة، ليكون إضافة قيمة إلى مشهد السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي. كما سيُضاف إلى المشهد السياحي مشروع حديقة النباتات العُمانية، التي تبعد 35 كم عن مطار مسقط الدولي والمقرر تسليمها بنهاية 2025، لتعرض البيئات الطبيعية المتنوعة في السلطنة ونباتاتها وأشجارها المحلية ضمن بيئة واحدة تنبض بالحياة.
وبالاتجاه جنوباً، تعمل صلالة على ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية خليجية مميزة تجمع بين الطبيعة الخلابة والبنية التحتية الحديثة. وإلى جانب موسم خريف، الذي يحوّل الجبال المحيطة إلى مناظر خضراء باردة، سيوفر مشروع بوليفارد الرذاذ، الممتد على مساحة تتجاوز 47 ألف متر مربع، مجموعة واسعة من مرافق الترفيه، حيث يتوسطه قناة مائية ومعلم عين صلالة الذي سيمنح الزوار إطلالاتٍ شاملة على تضاريس ظفار الساحرة.
أما على صعيد المنطقة الداخلية، فيحافظ الجبل الأخضر على مكانته السياحية الفريدة، إذ يتميز بمناخه المعتدل في الصيف ومناظره الطبيعية الأخاذة والتجارب السياحية الثقافية الفريدة. فقد افتُتحت عام 2025 حديقة الجبل الأخضر في محافظة الداخلية في إطار استراتيجية أوسع لتطوير البنية السياحية بالمنطقة. كما أعلنت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في العام نفسه عن مشروع ضخم لإنشاء وجهة جبلية على ارتفاع 2,400 متر، تضم أكثر من 2,500 وحدة سكنية، و2,000 غرفة فندقية، وقرية متخصصة في الصحة والعافية، بما يعزز مكانة الجبل الأخضر كأحد أبرز المراكز السياحية في عُمان.
الآفاق المستقبلية لقطاع الضيافة
أظهر قطاع الضيافة العُماني أداءً قوياً خلال النصف الأول من 2025، حيث ارتفعت أعداد النزلاء ومعدلات الإشغال ومتوسط أسعار الغرف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويأتي هذا النمو بفضل تزايد أعداد الزوار المحليين والدوليين، مما يعكس الطلب القوي من شريحة متنوعة من المسافرين، والتنوع الفريد الذي تتميز به السلطنة من عروضٍ سياحية تشمل سياحة المغامرات والفعاليات والمؤتمرات والاجتماعات، مدعومة بإرثها الثقافي الغني. كما أسهمت الاستثمارات الحكومية الكبيرة في البنية التحتية السياحية والحملات الترويجية وبرامج الفعاليات في ترسيخ مكانة سلطنة عُمان كوجهة سياحية مميزة على مدار العام. وإلى جانب ذلك، عزّز تصنيف السلطنة كسادس أكثر دول العالم أماناً من جاذبيتها، لا سيما لدى السياح الذين يضعون عامل الأمن على رأس أولوياتهم.
وبالنسبة للنصف الثاني من 2025، تُفيد التوقعات باستمرار هذ الزخم الإيجابي، مدعوماً بموسم الخريف في صلالة، وتوسيع شبكة الربط الجوي بالاعتماد على شركة الطيران العُماني وطيران السلام، اللتان تعملان على زيادة عدد الوجهات والرحلات إلى أسواق رئيسية. ومع هذه المبادرات ومواصلة الدعم الحكومي واستقرار معدل الطلب السياحي، يُرجَّح أن يشهد قطاع الضيافة العُماني نمواً مستقراً مع أداء صحي في كل من معدلات الإشغال والإيرادات حتى نهاية العام.